وماخفى كان اعظم

أنهار الدم والعنف تملأ الصفحات. والجرائم لم تعد تثير من تعودوا عليها. ولو أنها تستفز المشاعر أحيانا وتبعث علي الرعب والغضب.
أحاول ان اتقي شر ما ينشر. واعرف ان ما خفي كان أعظم ولكن أين السبيل
والقتل والخطف والاغتصاب وقطع الطرق بغير حساب وفي كل مكان. وعلي جميع
الصفحات لا تقتصر علي المكان المخصص للحوادث فأتجنبه.. تطاردنا من أول سطر
علي الصفحة الأولي حتي الوفيات.
بالصدفة في عدد واحد من جريدة "الرأي" الكويتية كان نصيب مصر ثلاثة حوادث من النوع الناعم.
أولها عن أردنية وزوجها كسبا مليوني دولار من البورصة المصرية بدون
ترخيص.. اكتشفت مباحث الأموال العامة نشاط شركة استشارات مالية وعقد دورات
تدريبية في التحليل الفني والمالي للمضاربة في البورصة مقرها عباس العقاد
بمدينة نصر وصاحبها أردنية وزوجها تلقيا أموالا من العملاء راغبي المضاربة
في البورصات العالمية من خلال شركة مقرها سويسرا وطارت الملايين بالعملة
الصعبة ويجري التحقيق لإدانة المخالفين وليس لإعادة أموال المصريين.
ثاني الجرائم دمها أخف لأنها كشفت شقاوة طفل أراد السفر لأمريكا بدون
تذكرة أو تأشيرة أو جواز سفر فذهب إلي مطار القاهرة وتسلل عبر كل
الاجراءات الأمنية حتي باب الطائرة المتجهة إلي نيويورك.. ساذج لأنه لم
يتوقع اكتشاف أمره في اللحظة الأخيرة وماذا كان سيفعل عندما يصل إلي مطار
جون كنيدي وترسانة الأجهزة والبشر يراقبون القادمين من بلادنا.. لم يتوقع
أن يضل الطريق إلي المدينة المتوحشة. أم انه يحلم بفيلم مثل "تائه في
أمريكا" ويكون من حظه أن يتقمص شخصية "خالد النبوي" والاستقبال الدافيء
لاقربائه الذين لا يعرفونه وليس منهم.. لولا ان ضابط الأمن في مصر للطيران
أراد ان يطمئن علي ان كله تمام وهو عادة كذلك ما تم اكتشاف طفل في الثالثة
عشرة من عمره لا يبدو عليه الارتباك ولكنه يثير الشك بسفره وحيدا.. سأله
عن جواز سفره وإذا كان بصحبة أحد من افراد اسرته ولم يصدق ان الطفل ذاهب
للبحث عن عمل في أمريكا ولم يجد معه ما يثبت شخصيته أو حتي تذكرة سفر..
إنها ليست أول مرة ينجح فيها مسافر في اجتياز الاجراءات الأمنية بالمطار..
ولكنها حالات نادرة تتحول من جريمة إلي حدوتة!
ثالث الجرائم إنسانية ولا أصدق ان وراءها تحريضا سياسيا.. تقدمت
المطلقة التي تعمل مذيعة وتقيم في مدينة الشيخ زايد ببلاغ تطالب فيه
بالقبض علي زوجها السابق "توفيق ابراهيم يحيي" في قضية نفقة محكوم عليه
فيها بالحبس من جنح مدينة نصر.. تعتقد ان القبض عليه سهل لأنه يعرض حاليا
علي محكمة جنح القاهرة في تهم مختلفة تماما وتقول انها تزوجته وانجبت منه
ولدا "معاقا" وتلك هي المأساة فهو لا يعترف به ولا يصرف عليه. بل تحجج
بأنه لم يتزوجها سوي ساعة واحدة ولم يدخل بها ولم يعاشرها معاشرة الأزواج
ومع ذلك فالابن المعاق يحمل اسمه!!
كان يمكن أن تكون قضية عادية لولا ان المطلوب القبض عليه هو نفسه
توفيق عكاشة صاحب قناة "الفراعين" الذي اشتهر بين الناس بصرف النظر عن
رأيهم فيه كإعلامي.
لابد ان مثل تلك الحوادث قد نشرت في الصحف المصرية بطريقة أو أخري ولكنها ضاعت وسط زحام القتل والنهب والتخريب والرعب والترهيب.

الأحد	الإثنين	الثلاثاء	الأربعاء	الخميس	الجمعة	السبت
	1	2	3	4	5	6
7	8	9	10	11	12	13
14	15	16	17	18	19	20
21	22	23	24	25	26	27
28	29	30	31

وماخفى كان اعظم

وماخفى كان اعظم

وماخفى كان اعظم :: تعاليق