ثورة التطهير

يخطئ من يتصور أن ثورة 25 يناير التي قام بها الشعب المصري والتي ابهرت العالم بأسره قامت لإسقاط الحاكم والسلام.. وإنما قامت لإسقاط نظام الفساد الذي استشري وتغلغل في جسد المجتمع حتي صار الفساد جزءاً من هذا الجسد يصعب بتره.. قامت الثورة وسقط الحاكم لكن لم يسقط الفساد بل يزداد في معظم قطاعات الدولة وجاء برلمان الثورة الذي اختاره الشعب بعاطفته وليس بعقله.. وسلم الأمانة لبرلمان بأغلبية من الإخوان والسلفيين علهم يصلحون ما أفسده النظام السابق طوال ثلاثين عاماً تغلغل فيها الفساد في جسد المجتمع وصارت الرشوة والمحسوبية والوساطة هي السائدة.. وزاد رأس المال نفوذاً وسطوة في كل الارجاء وزادت الطبقية واختفت الطبقة الوسطي واصبح المجتمع بجناحين طبقة رجال الأعمال والحاشية التي استفادت بكل شيء في ظل النظام الذي نسي الشعب وظن أن الدولة ملكه بثرواتها ومواردها فنهبها بحاشيته.. وطبقة الكادحين الفقراء الذين زادوا فقراً وجوعاً ومرضاً طوال فترة النظام البائد.. حتي زادت حرارة البركان ووصلت إلي درجة الغليان فانفجرت في وجه النظام حتي اسقطته وأسكنته خلف القضبان.
* * *
وجاء برلمان الثورة وعلق عليه الشعب آمالا كبيرة وطموحات بلا حدود لكي يصلح ما فات.. وكان كثيرون يظنون ان أول تشريع لهذا البرلمان يكون لإرساء مبدأ العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص بين الشباب في كل القطاعات فلا يعقل ان يقتصر تعيين المعيدين أو علي الاقل نسبة عالية لأبناء الاساتذة ولا يعقل ان يقتصر العمل بالسلك الدبلوماسي والقضائي علي ابنائهم والشرطة لأبناء الشرطة وهكذا فأين العدالة بين الشباب وكيف يشعر الشاب البسيط بالانتماء لبلد لا يأخذ فيه حقه.. وكان الأمل كبيراً ان يراجع البرلمان قوانين الإيجارات الجديدة التي صارت سيفاً علي رقاب البسطاء بينما اعطت المالك كل الصلاحيات في رفع الاجرة وحتي طرد الساكن بلا مبرر وكذلك مراجعة قانون الضرائب العقارية وعملية تحصيل رسوم النظافة علي فواتير الكهرباء بينما لا توجد هناك نظافة ولا يحزنون وجامع القمامة يحصل علي رسوم أخري من كل منزل.. كان الجميع يأملون في تشريعات تعيد ميزان العدالة إلي الحياة.. لكن فوجئ الجميع بأن البرلمان يتحدث عن تشريعات الخلع وسن الزواج والختان ورؤية الصغير وغير ذلك من الهوامش بينما ترك غول الفساد ينهش في جسد المجتمع بنفس الأسلوب الذي كان عليه في العهد البائد.. كنا ننتظر من برلمان الثورة أن يتنازل عن المكافآت والقروض والمزايا التي يحصل عليها البرلمان في ظل ظروف صعبة تمر بها البلاد.. لكن حصل رئيس المجلس والنواب علي نفس المكافآت ونفس المزايا التي ينفرد بها البرلمان المصري عن غيره من برلمانات العالم.. ونفس تأشيرات الفساد التي كان يحصل عليها نواب العهد البائد من الوزراء للأقارب والمحاسيب والتي تحرم الآخرين من الشباب من نفس الحقوق.. هي ذاتها يتسابق عليها نواب البرلمان الحالي الذي جمدته الدستورية فأين الثورة.. وأين العدالة الاجتماعية وأين المساواة وأين التغيير.. إن ثورة يناير عندما قامت لم يكن هدفها إسقاط الوطني ليحل محله الإخوان والسلام وندور في نفس فلك الهيمنة والسيطرة من الحزب الواحد.. لم يكن هدفها تغيير الوجوه والمسميات بينما يظل نظام الفساد.
وانما كان الهدف واضحا ولن تنتهي الثورة حتي تكمل إسقاط النظام الفاسد وتطهير كل قطاعات الدولة.. وتغيير كل القوانين سيئة السمعة التي سنها النظام السابق.
* * *
من هنا لابد أن يدرك الرئيس الجديد ان العدالة الاجتماعية هي أساس الحكم.

الأحد	الإثنين	الثلاثاء	الأربعاء	الخميس	الجمعة	السبت
	1	2	3	4	5	6
7	8	9	10	11	12	13
14	15	16	17	18	19	20
21	22	23	24	25	26	27
28	29	30	31

ثورة التطهير

ثورة التطهير

ثورة التطهير :: تعاليق