الذى حدث كان أن الشعب كله ما بين ٢٥ يناير وحتى ١١ فبراير اتحد. حالة من حالات القلق والتوحد والرغبة فى التغيير والحلم بحياة أفضل يستحقها كل مصرى. والحق يقال احترم الرئيس السابق رغبة الشعب وتخلى عن الحكم. لم يخلع، كما يصر كثيرون على القول ولم يفر مثل الرئيس التونسى زين العابدين بن على، أو أصر على المقاومة حتى النفس الأخير مثل الرئيس الراحل معمر القذافى أو أصر على البقاء مثل الرئيس السورى بشار الأسد أو ناور وفاوض مثل الرئيس اليمنى على عبدالله صالح، وقال للسيد عمر سليمان عبارته الشهيرة عندما عرض عليه مغادرة البلاد: «وامشى ليه؟ هو أنا عملت حاجة»، وأصر على البقاء.
الأيام والقضاء سوف تكشف لنا إن كان مبارك فاسداً أم لا. إلا أنه بعد ثلاثين سنة من حكم مصر ما هو مؤكد أنه كان من الممكن لحالنا أن يكون أفضل، وأن دولاً قفزت قفزات عملاقة فى مثل هذا الوقت. تقصير؟ نعم، سوء إدارة؟ أكيد، أما الفساد خاصة المالى فأترك الحكم فيه للقضاء فلا أسمح لنفسى أبداً أن أحكم على ذمم الناس، هذه الأمور متروكة للقضاة.وأعود إلى الحادى عشر من فبراير كلنا تخيلنا أن زمن المعجزات قد عاد وعلت أسقف التوقعات وتخيل كل فرد أن أحلامه قاب قوسين أو أدنى من التحقق، وتحول كل الاتحاد إلى فُرقة، وبدلاً من التسامح والمضى بدأت مرحلة تصفية الحسابات والانتقام والتخوين. فرقة وانتهازية سياسية ومطالب فئوية، وكانت النتيجة إقصاء لفئة كبيرة من الشعب. كل من كان يعارض الليبراليين كان يعتبر ضد الثورة، وكل من كان يعارض الإسلاميين كان يعامل معاملة الكفار.
لهجة استعلاء وتخوين من الليبراليين والإسلاميين على حد سواء، وفى نفس الوقت، تجدهم يتنابزون بالألفاظ ويلقون على بعض الاتهامات مع أن ما يجمع بينهما كثير: أوله عدم الاعتراف بأن هناك فريقاً ثالثاً من الناس له رأى مختلف ويريد من يحترم رأيه هذا، لا من يحجر عليه، فريق يرفض أن يهان. يرفض أن يوصف بأن دمه مماثل لدم الدجاج المذبوح بسبب اختياره أو أنه خائن أو عميل أو من القطيع، ومنذ أكثر من عام والافتراضات التى أخذت هى التى بنى عليها الواقع.شائعة أن الشرطة هى من اقتحمت السجون التى صدقها الجميع رغم ظهور شرائط ودلائل على تورط دول أخرى، واحدة من شائعات كثيرة انتشرت، وموقعة الجمل التى سجن بسببها كثيرون رغم عدم وجود دليل واحد حقيقى ضدهم، حسبما نسمع.
هى قضية العنعنة والشهود الذين سمعوا ولم يروا، وعلى فكرة لمن يتابع مقالاتى سيجدنى أقول نفس الكلام منذ عام وأهاجم نفاق الجميع للثوار وضعفهم أمام مليونياتهم التى أعقبت التنحى، وعلى ذكر الهجوم فإن أسوأ ما ظهر بعد ١١ فبراير كان الاستباحة: أن يستبيح شخص لنفسه شتمك وإطالة لسانه عليك وبوقاحة لمجرد أن تختلف معه فى الرأى، ويبدأ فى وصفك بالفلول والفلول بشرطة، لدرجة أن الناس بدأت تتحدى وتقول: «أنا يا سيدى فلول، ورينى حتعمل إيه». كل هذه الأسباب التى نستطيع اختصارها بالإقصاء والانتقام والاستحواذ وعدم احترام الرأى المخالف بل والمصادرة عليه جعل شريحة كبيرة من الشعب تشعر بالاستنفار ثم الرفض، ثم حانت فرصة الانتقام والتعبير عن الرأى فى الصناديق.. انتخب الناس من لا يقصيها أو يضعها ضمن فصيل أو يستبيح دمها أويكفرها لو خالفته.
انتخب من يعتقدون أنهم سوف يسمح لهم بمعارضته دون أن يسفه من فكرهم، دون أن يكون وصيا عليهم دون أن يبتزهم لا باسم ثورة أو شهداء. التاريخ لن يرحم الليبراليين الذين أرسوا قواعد التمييز والإقصاء ولا الإسلاميين الذين أعدوا قوانين الاستحواذ أو الذين كفروا من يخالفهم الرأى. ما استفدناه جميعا رغم الانقسام بعد ١١ فبراير أننا تعلمنا التمييز بين البشر، عرفنا الكاذبين من الصادقين والمتلونين من الواضحين، وحدد كل واحد منا موقعه.
لا يهم النتيجة المهم أن كثرة الهجوم تؤدى إلى أمرين: أولهما أنها تقوى وثانيهما: أنك تعرف حبيبك من عدوك، فتقدر أحباءك أكثر.. عرفتم الآن لماذا انتخب الناس الفريق شفيق. أرجو أن يقرأ الفريق ومن معه كلامى وألا ينساق إلى الضغط على من آمنوا به للحصول على أصوات من يرفضونه. وأرجو من الدكتور مرسى ومن الفريق شفيق عندما يصل أحدهما إلى رئاسة مصر أن يعمل على المصالحة الوطنية وأن يتذكر كل منهما أن مصر للجميع ثواراً وفلولاً.
| | | |
|
|
طارق العرابى- مدير المنتدى
- عدد المساهمات : 1348
تاريخ التسجيل : 17/10/2011
-
مُشاطرة هذه المقالة على:
مواضيع مماثلة مواضيع مماثلة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
السبت 17 ديسمبر 2022, 2:01 pm من طرف طارق العرابى
» النجوم الساطعه
الإثنين 05 ديسمبر 2022, 9:09 pm من طرف طارق العرابى
» اللواء صبرى محمد عبده سليمان
الأربعاء 16 نوفمبر 2022, 10:15 pm من طرف طارق العرابى
» كلمات مؤلمة
الثلاثاء 15 نوفمبر 2022, 12:55 pm من طرف طارق العرابى
» الحياه المستديره
الإثنين 14 نوفمبر 2022, 9:08 pm من طرف طارق العرابى
» أقوال مأثورة للامام
الجمعة 11 نوفمبر 2022, 11:17 am من طرف طارق العرابى
» اصل عائلة العرابى
الأحد 02 يناير 2022, 8:17 pm من طرف زائر
» بكاء الظالم
الأحد 30 يونيو 2019, 11:56 am من طرف طارق العرابى
» الشهداء أكرم منا جميعا
السبت 15 أكتوبر 2016, 3:40 pm من طرف طارق العرابى