الدستور المنتظر

تربت الجمعية التأسيسية من الانتهاء من إعداد مسودة الدستور الجديد وذلك قبل ساعات قليلة من موعد النطق بالحكم في الدعاوي المطالبة بحل الجمعية.. وسط حالة من عدم التوافق والجدل السياسي والقانوني بين فئات كثيرة من المجتمع حيال بعض المواد التي يشملها الدستور وبخاصة المتعلقة بالسلطة القضائية ونظام الحكم وصلاحيات الرئيس وكذلك الحقوق والحريات.
علي سبيل المثال يري القضاة أن باب السلطة القضائية في مشروع الدستور الجديد يمثل مفاجأة صادمة ومخيبة للآمال بالنسبة لهم وذلك بسبب القصور في الضمانات التي تدعم استقلال القضاء بالإضافة لغموض دور النيابة العامة وقصر وظيفتها علي الادعاء العام فقط وليس التحقيق.. فضلاً عن الفصل بين النيابة العامة والقضاء.. رغم استقرار المناخ التشريعي في مصر بأن النيابة شعبة من شعب القضاء.. في الوقت الذي كنا نتمني فيه جميعاً أن يواكب الدستور الجديد تطلعات الشعب والقضاة لتدعيم استقلال القضاء واعطائه الضمانات التي تكفل استقلاله وتضع حداً للظواهر والأحداث التي طفت علي السطح مؤخراً وعانت منها العدالة.. بالإضافة للنصوص المتعلقة بالمحكمة الدستورية العليا واختصاصاتها ورقابتها علي القوانين وتعيين أعضائها.
وفي ذات الوقت تري القوي المدنية والثورية أن مسودة الدستور مليئة بالنقائص
وأن التيار المهيمن علي أعمال الجمعية التأسيسية يسعي لتمرير دستور لا يرضي إلا فصيلاً سياسياً واحداً.. وهذا لن يكون مقبولاً وسيعملون علي اسقاطه بالعمل الجماهيري وتوحيد كل القوي المعارضة في جبهة واحدة ضد الدستور الجديد وهو ما حدث بالفعل الجمعة الماضية "جمعة مصر مش عزبة" والتي بعثت برسالة مفادها أن هناك قوي أخري غير التيار الإسلامي قادرة علي الحشد والتنظيم والتأثير في الشارع.
نفس الحال تكرر في مواقع أخري من الدستور وهناك خلاف عليه كصلاحيات الرئيس التي تراها القوي المدنية والليبرالية والثورية أنها لم تتغير عن ذي قبل بل زادت أكثر في حين يري أعضاء لجنة الدستور أنها تقلصت بنسبة 60% عما كانت عليه في دستور .1971
علي أية حال فالخلاف في الرأي يجب ألا يفسد للود قضية وينبغي أن يكون خلافاً من أجل مصلحة الوطن بكافة فئاته وأطيافه.. ولا يجب أن يصاحب هذا الخلاف تلك التصريحات العنترية التي نسمعها من البعض يطلبون فيها اقصاء أطراف معارضة ويطالبونهم بمغادرة الوطن.. فهذا ما لايقبله أحد فمصر لكل أبنائها.. ويجب أن تكون نصوص دستورها توافقية تجمع ولا تفرق.. تحافظ علي حقوق الاقليات دون الانتقاص من حقوق الأغلبية.. فحتي الآن ما تم صياغته هو مجرد مسودة لا يمكن التعامل معها علي أنها هي الدستور وهي قابلة للحوار والنقاش وإبداء الآراء والمقترحات حتي نصل في النهاية لدستور لكل المصريين يرضي به كل من يعيش علي أرضها دون التحيز لفصيل ما أو العمل لمصلحة فصيل آخر ويضمن استقلال السلطات دون جور أحداها علي الآخري وأن يكون الرئيس حكماً بينها جميعاً دون الانحياز لاحداها علي حساب الأخري.. حتي لا نري صدامات أكثر دموية مما حدثت في ميدان التحرير خلال جمعة 12 أكتوبر والتي تصادم فيها شباب الإخوان مع القوي المدنية والثورية علي خلفية جمعة كشف الحساب.

الأحد	الإثنين	الثلاثاء	الأربعاء	الخميس	الجمعة	السبت
			1	2	3	4
5	6	7	8	9	10	11
12	13	14	15	16	17	18
19	20	21	22	23	24	25
26	27	28	29	30	31

الدستور المنتظر

الدستور المنتظر

الدستور المنتظر :: تعاليق